من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
شرح مقدمة التفسير لابن تيمية
90885 مشاهدة
ندرة الترادف في القرآن

فهذا النوع إذا صح فيه القولان كان من الصنف الثاني من الأقوال الموجودة عنهم، ويجعلها بعض الناس اختلافا أن يعبروا عن المعاني بألفاظ متقاربة لا مترادفة، تعرفون الترادف هو الألفاظ التي معناها واحد كقولهم: وقف قام انتصب هذه مترادفة، قعد وجلس هذه أيضا مترادفة، وقد تكون في الأسماء كإنسان ورجل وامرؤ وآدمي هذه مترادفة، التي تدل على مدلول واحد من الأسماء أو من الأفعال، فيعبرون عن المعاني بألفاظ متقاربة وليست مترادفة، يعني أنها تكون بمعان فرق قريب بعضها من بعض، فإن الترادف في اللغة قليل ، يعني الترادف الذي هو كون الكلمات دالة على معنى واحد قليل.
وأما في ألفاظ القرآن فإما نادر وإما معدوم، الذي هو عطف كلمتين بمعنى واحد، الغالب أن العرب تقتصر على كلمة ولا تحتاج إلى مرادف، فالغالب أنها تقول: قام ولا تقول: قام ووقف، قعد ولا تقول: قعد وجلس، ويكتفون بكلمة واحدة وإن كانت اللفظة بمعناها وكذلك في القرآن لا يذكر في القرآن لفظتان بمعنى واحد إلا نادرا أن يقول .. يعبر عن لفظ واحد بلفظ واحد يؤدي جميع معناه بل يكون فيه تقريب لمعناه، يعني الألفاظ التي يعبر بها في الغالب أنها تكون كمثال لا أنها تأتي على الألفاظ كلها ولا على المعاني كلها إنما هي للتقريب.
ولهذا جاء في القرآن كلمات احتاجت إلى التفسير فمثلا قوله: ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا فلم يقل: اسجدوا على وجوهكم وعلى أيديكم وأرجلكم وركبكم بل قال: اسجدوا لأن اللفظ يحتاج إلى بيان فذكر مجملا وجعل بيانه من مسمى اللغة يكون فيه تقريب للمعنى، وهذا جعلوه من أسباب إعجاز القرآن من أسباب كون القرآن معجزا أنه يأتي بالألفاظ المختصرة ، ويدخل فيها عموم آيات كثيرة، يدخل فيها أشياء تدخل في بعضها، ففسر مثلا قوله: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ إذا قيل إنهم اليهود، فيدخل في ذلك المشركون والنصارى والشيوعيون وأشباههم، فإنهم جميعا مغضوب عليهم، فلا حاجة إلى أن يقول غير اليهود والنصارى والبوذيين والهندوس والمشركين وما أشبه ذلك، أطلق عليهم هذا الوصف حتى يعم ذلك جميعهم، مثل بقوله: يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا قال: المور هو الحركة سواء كانت تقريبا ..إذ الحركة خفيفة سريعة، وقيل: إن المور هو الحركة يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ يعني تتحرك، لكن يقول: إن العرب تعني بالمور حركة خفيفة سريعة.